بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين :
أما بعد : هذه تسع و خمسون حديث جمعها الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ من كتاب الشفاء السقيم للحبيب محمد الهدار و جعلها للمبتدئين . و قد قررنا تدريسها في ( الحلقة العلمية للعلوم الشرعية ) بمسجد القبة بنفحون , فقمت بكتابتها و وضعت عليها شرح مختصر من كتب شروح الحديث .
نسأل الله أن ينفع بها طلابنا و تتنور بها صدورهم , و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيد المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
الحديث الأول
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواه البخاري ومسلم .
الشرح :
(إنما الأعمال) أي لا صحة أولا كمال للأعمال إلا (بالنيات) (وإنما لكل امرئ) أي إنسان (ما نوى) أي ما حصل لإنسان من العمل إلا ما نواه فالم ينوه لا يعتد به فليس له من عمله الاختياري القصدي إلا ما نواه من خير وشر (فمن كانت هجرته) أي انتقاله من بلاد الكفر (إلى الله ورسوله) قصدا وعزما (فهجرته) ببدنه وجوارحه (إلى الله ورسوله) ثوابا وأجرا (فهجرته إلى ما هاجر إليه) من الدنيا والمرأة وإن كانت صورتها صورة الهجرة لله ولرسوله.
الحديث الثاني
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أبْغَضُ الرجال إلى الله الألَدُّ الخَصِم). رواه البخاري ومسلم.
الشرح :
( أبغض الرجال ) وكذا والنساء ( إلى الله الألد ) أي الشديد الخصومة بالباطل (الخصم) أي المولع بالخصومة الماهر فيها الحريص عليها .
الحديث الثالث
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( اتق الله حَيْثُما كُنْتَ وأتَّبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) حديث حسن رواه الترمذي .
الشرح :
( اتق الله) بامتثال أمره واجتناب نهيه ( حيثما كنت ) أي في أي زمان ومكان كنت فيه وإن كنت خاليا فإن الله مطلع عليك واتقوا الله إن الله كان عليكم رقيبا ( وأتبع السيئة ) الصادرة منك صغيرة ( الحسنة ) صلاة أو صدقة أو استغفارا أو نحو ذلك ( تمحها ) أي السيئة المثبتة في صحيفة الكاتبين .
الحديث الرابع
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( أحَبُّ البِلادِ إِلَى الله مَساجِدُها وأبْغَضُ البِلادِ إِلَى الله أسْواقُها ) رواه مسلم .
الشرح :
( أحب البلاد ) أي أحب أماكن البلاد ( إلى الله مساجدها ) لأنها بيوت الطاعة وأساس التقوى ومحل تنزلات الرحمة ( وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ) لأنها مواطن الغفلة والحرص والغش والفتن والطمع والخيانة والأيمان الكاذبة والأعراض الفانية فالمراد محبة وبغض ما يقع فيهما .
الحديث الخامس
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( أحِبُّوا الله لما يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نعَمِهِ وأحِبُّونِي لحبِّ الله وأحِبُّوا أهلَ بَيْتِي لِحُبِّي ) رواه الترمذي .
الشرح :
( أحبوا الله ) وجوبا ( لما ) أي لأجل الذي (يغذوكم به) من الغذاء ككساء ما به نماء الجسم وقوامه ( من نعمه ) جمع نعمة بمعنى أنعام أي أحبوه لأجل أنعامه عليكم بصروف النعم وضروب المنن ( وأحبوني لحب الله) أي إنما تحبوني لأنه تعالى أحبني فوضع محبتي فيكم ( وأحبوا أهل بيتي لحبي ) أي إنما تحبونهم لأني أحببتهم لحب الله لهم .
الحديث السادس
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( بِرُّوا آباءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أبْناؤكُمْ وعِفُّوا تَعِفَّ نِساؤُكُمْ ) حديث حسن رواه الطبراني.
الشرح :
(بروا آباءكم) أي وأمهاتكم فإنكم إن فعلتم ذلك (تبركم أبناؤكم) وكما تدين تدان (وعفوا) عن نساء الناس فلا تتعرضوا لهن بالزنا (تعف نساؤكم) عن الرجال لما ذكر .
الحديث السابع
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (بَشِّرِ المَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى المَساجِدِ بالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيامَةِ ) حديث صحيح رواه أبو داود .
الشرح :
(بشر) خطاب عام لم يرد به معين (المشائين) بالهمز والمد من تكرر منه المشي إلى إقامة الجماعة (في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها أي ظلمة الليل (إلى المساجد بالنور التام) الذي يحيط بهم من جميع جهاتهم (يوم القيامة ) أي على الصراط لما قاسوا مشقة المشي في ظلمة الليل جوزوا بنور يضيء لهم ويحوطهم .
الحديث الثامن
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( بَيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صلاَةٌ لِمَنْ شاءَ ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح :
(بين كل أذانين) أي أذان وإقامة فغلب (صلاة) أي وقت صلاة أو المراد صلاة نافلة ونكرت لتناول كل عدد نواه المصلي من النفل (لمن شاء) أن يصلي ذكره دفعا لتوهم الوجوب .
الحديث التاسع
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ ) حديث صحيح رواه الإمام أحمد .
الشرح :
(البخيل) أي الكامل في البخل (من ذكرت عنده) أي ذكر اسمي بمسمع منه (فلم يصل علي) لأنه بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشرا إذا هو صلى واحدة .
الحديث العاشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( التَّاجِرُ الأمِينُ الصَّدُوقُ المُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ القيامة ) حديث صحيح رواه الحاكم .
الشرح :
(التاجر الأمين الصدوق المسلم) يحشر (مع الشهداء يوم القيامة) لجمعه للصدق والشهادة بالحق والنصح للخلق وامتثال الأمر المتوجه عليه من قبل الشارع ومحل الذم في أهل الخيانة .
الحديث الحادي عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شِبْراً: رَجُلٌ أمَّ قَوْماً وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ وامْرَأةٌ بَاتَتْ وَزَوجُهَا عَلَيْهَا ساخِطٌ وأخَوَانِ مُتصارِمانِ ) حديث حسن رواه ابن ماجه .
الشرح :
(ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا) أي بل شيئا قليلا (رجل أم قوما ما وهم له كارهون) أي أكثرهم لما يذم شرعا (وامرأة بانت وزوجها عليها ساخط) لنحو نشوزا وسوء خلق (وأخوان) من نسب أو دين (متصارمان) أي متهاجران متقاطعان في غير ذات الله تعالى .
الحديث الثاني عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( جالِسُوا الكبَراءَ وسائِلُوا العُلَماءَ وخالِطُوا الحكَماءَ ) حديث صحيح رواه الطبراني .
الشرح :
(جالسوا الكبراء) الشيوخ المجربين لتتأدبوا بآدابهم وتتخلقوا بأخلاقهم أو من له رتبة في الدين والعلم وأن صغر سنه فإن مجالسة أهل الله تكسب أحوالا سنية وتهب آثارا علية مرضية والنفع باللحظ فوق النفع باللفظ فمن نفعك لحظة نفعك لفظة ومن لا فلا (وسائلوا العلماء) العاملين عما يعرض لكم من أحكام الدين (وخالطوا الحكماء) أى اختلطوا بهم في كل وقت فانهم المصيبون في أقوالهم وأفعالهم ففي مداخلتهم تهذيب للأخلاق .
الحديث الثالث عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( جاهِدُوا المُشْرِكِينَ بأمْوالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ وألْسِنَتِكُمْ ) حديث صحيح رواه أحمد .
الشرح :
(جاهدوا المشركين) يعني الكفار وخص أهل الشرك لغلبتهم (بأموالكم) أي بكل ما يحتاجه المسافر من سلاح ودواب (وأنفسكم وألسنتكم) بالمكافحة عن الدين وهجو الكفار فلا تداهنوهم بالقول بل اغلظوا عليهم .
الحديث الرابع عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( جَدِّدُوا إِيمانَكُمْ أكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إلاَّ الله ) حديث صحيح رواه أحمد .
الشرح :
(جددوا إيمانكم) قيل: يا رسول الله كيف نجدده قال: (أكثروا من قول لا إله إلا الله) فإن المداومة عليها تجدد الإيمان في القلب وتملأه نورا وتزيده يقينا وتفتح له أسرارا يدركها أهل البصائر ولا ينكرها إلا كل ملحد جائر .
الحديث الخامس عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( حُبُّ الدُّنْيا رَأسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ ) . رواه البيهقي .
الشرح :
(حب الدنيا رأس كل خطيئة) فإنه يوقع في الشبهات ثم في المكروهات ثم في المحرمات قال الغزالي وكما أن حبها رأس كل خطيئة فبغضها رأس كل حسنة .
الحديث السادس عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ ) رواه مسلم .
الشرح :
(حفت الجنة بالمكارة) أي أحاطت بنواحيها جمع مكرهة وهي ما يكرهه المرء ويشق عليه من القيام بحق العبادة على وجهها (وحفت النار بالشهوات) وهي كل ما يوافق النفس ويلائمها وتدعو إليه .
الحديث السابع عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (خَمْسٌ مِنْ حَقِّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ: رَدُّ التَّحِيَّةِ وإِجابَةُ الدَّعْوَةِ وشُهُودُ الجَنَازَةِ وعِيادَةُ المَرِيضِ وتَشْمِيتُ العاطِسِ إِذا حَمِدَ الله ) حديث صحيح رواه ابن ماجه .
الشرح :
(خمس) من الخصال (من حق المسلم على المسلم رد التحية) يعني السلام (واجابة الدعوة) لوليمة عرس وجوبا ولغيرها ندبا (وشهود جنازة) أي الصلاة عليها واتباعها الى الدفن أفضل (وعيادة المريض) أي زيارته في مرضه (وتشميت العاطس إذا حمد الله) بان يقول يرحمك الله فان لم يحمد لم يشمته .
الحديث الثامن عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (خيارُكُمْ أحاسِنُكُمْ أخْلاقاً ) رواه البخاري .
الشرح :
(خياركم أحاسنكم أخلاقا) فعليكم بحسن الخلق , زاد الترمذي في رواية وأطولكم أعمارا والقصد بهذا الحديث الحث على حسن الخلق ولين الجانب قال يوسف بن أسباط: علامة حسن الخلق عشرة أشياء: قلة الخلاف وحسن الإنصاف وترك طلب العثرات وتحسين ما يبدو من السيئات والتماس المعذرة واحتمال الأذى والرجوع بالملامة على نفسه والتفرد بمعرفة عيوب نفسه دون عيوب غيره وطلاقة الوجه ولطف الكلام .
الحديث التاسع عشر
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري .
الشرح :
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن لا في غيره إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به .
الحديث العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (الخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيالُ الله فأَحَبُّهُمْ إِلَى الله أنفعهم لعياله ) رواه أبو يعلى .
الشرح :
(الخلق كلهم عيال الله) أي فقراؤه وهو الذي يعولهم (وأحبهم أليه أنفعهم لعياله) بالهداية إليه وتعليمهم ما يصلحهم والعطف والانفاق عليهم من فضل ما عنده , و غير ذلك من وجوه الإحسان الأخروية والدنيوية .
الحديث الحادي و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) حديث صحيح رواه النّسائي .
الشرح :
(دع ما يريبك) أي يوقعك في الريب أي الشك (إلى ما لا يريبك) أي اترك ما تشك فيه واعدل للحلال البين لأن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
الحديث الثاني و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( الدُّعاءُ بَيْنَ الأَذانِ والإِقامَةِ مُسْتَجابٌ فادْعُوا ) حديث صحيح رواه أبو يعلى .
الشرح :
( الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا) بعد أن تجمعوا شروط الدعاء التي منها حضور القلب وجمعه بكليته على المطلوب والخشوع والانكسار والتذلل والخضوع والاستقبال وغيرها وتقديم التوبة والاستغفار والخروج من المظالم والطهارة وغير ذلك .
الحديث الثالث و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ) رواه مسلم .
الشرح :
(ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا) أي اكتفى به ربا ولم يطلب غيره (وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا) بأن لم يسلك إلا ما يوافق شرعه فمن كان هذا نعته فقد حصلت له حلاوة الإيمان في قلبه .
الحديث الرابع و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( رُبَّ أشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ ) رواه مسلم .
الشرح :
(رب أشعث) أي ثائر الرأس مغبرة قد أخذ فيه الجهد حتى أصابه الشعث وعلته الغبرة (مدفوع بالأبواب) فلا يترك أن يلج الباب فضلا أن يقعد معهم ويجلس بينهم (لو أقسم) حلف (على الله) ليفعلن شيأ (لأبره) أي لا بر قسمه وأوقع مطلوبه إكراما له وصونا ليمينه عن الحنث لعظم منزلته عنده .
الحديث الخامس و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( رَكْعَتا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيها ) رواه الترمذي .
الشرح :
(ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) أي نعيم ثوابهما خير من كل ما يتنعم به في الدنيا فتتأكد المحافظة عليهما بل قيل بوجوبهما .
الحديث السادس و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( رَكْعَتانِ بِسِوَاكٍ خَيرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سواك ) رواه الدار القطني .
الشرح :
ركعتان) أي صلاة ركعتين (بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك) لا دليل فيه على أفضليته على الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة لأن الدرجة متفاوتة المقدار .
الحديث السابع و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( الراحمون يرحمهم الرحمن تَبارَكَ وَتَعَالى: ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّماءِ ) حديث صحيح رواه أحمد .
الشرح :
(الراحمون) لمن في الأرض من آدمي وحيوان محترم بنحو شفقة وإحسان ومواساة (يرحمهم الرحمن) وفي رواية الرحيم (تبارك وتعالى) أي يحسن إليهم ويتفضل عليهم فإطلاق الرحمة عليه باعتبار لازمها وغايتها (ارحموا من في الأرض) أي من يمكنكم رحمته من الخلق برحمتكم المتجددة الحادثة (يرحمكم من في السماء) أي من رحمته عامة لأهل السماء الذين هم أكثروا وأعظم من أهل الأرض .
الحديث الثامن و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( زُورُوا القُبُورَ فَإِنَّها تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ ) رواه ابن ماجه .
الشرح :
(زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة) فزيارتها مندوبة للرجال بهذا القصد والنهي منسوخ . قالوا: ليس للقلوب سيما القاسية أنفع من زيارة القبور فزيارتها وذكر الموت يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي ويذهب الفرح بالدنيا ويهون المصائب وزيارة القبور تبلغ في دفع رين القلب واستحكام دواعي الذنب ما لا يبلغه غيرها .
الحديث التاسع و العشرون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( زينوا القرآن بأصواتكم ) رواه مسلم .
الشرح :
(زينوا القرآن بأصواتكم) أي زينوا أصواتكم به فالزينة للصوت لا للقرآن فهو على القلب والمراد زينوا أصواتكم بخشية الله حال القراءة .
الحديث الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( سُورَةُ تَبَارَكَ هِيَ المَانِعَةُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ) حديث حسن رواه ابن مردويه .
الشرح :
(سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر) أي الكافة له عن قارئها إذا مات ووضع في قبره لو أنها إذا قرئت على قبر ميت منعت عنه العذاب ويؤخذ منه ندب ما اعتيد من قراءة خصوص السورة للزوار على القبور .
الحديث الحادي و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِر مِنْ أُمَّتِي ) حديث حسن رواه أحمد .
الشرح :
(شفاعتي) الإضافة بمعنى أل العهدية أي الشفاعة التي وعدني الله بها ادخرتها (لأهل الكبائر) الذين استوجبوا النار بذنوبهم الكبائر ( من أمتي) ومن شاء الله , فيشفع لقوم في أن لا يدخلوا النار ولآخرين أن يخرجوا منها أو يخفف عنهم .
الحديث الثاني و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( صدقة السر تطفئ غَضَبَ الرَّبِّ ) حديث حسن رواه الطبراني .
الشرح :
(صدقة السر تطفئ غضب الرب) يعنى تمنع نزول المكروه في الدنيا والآخرة , فهي أفضل من صدقة العلن , و المعنى المقصود في هذا الموضع الحث على إخفاء الصدقة .
الحديث الثالث و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح :
(صلاة الجماعة تفضل) بفتح فسكون فضم (صلاة الفذ) بفتح الفاء وشد المعجمة الفرد أي تزيد على صلاة المنفرد (بسبع وعشرين درجة) أي مرتبة , والمعنى أن صلاة الواحد في جماعة يزيد ثوابها على ثواب صلاته وحده سبعا وعشرين ضعفا .
الحديث الرابع و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( طَعَامُ الاثْنَينِ كَافِي الثَّلاَثَةِ وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَعَة ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح :
(طعام الإثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة) خير بمعنى الأمر أن أطعموا طعام الإثنين للثلاثة أو هو تنبيه على أنه يقوت الأربع أو طعام الإثنين إذا أكلا متفرقين يكفي ثلاثة اجتمعوا . و المراد الحث على المكارمة والتقنع بالكفاية وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية بل المواساة .
الحديث الخامس و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( طَلَبُ الحَلاَلِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلمٍ ) حديث حسن رواه الديلمي .
الشرح :
(طلب الحلال واجب على كل مسلم) أي طلب معرفة الحلال من الحرام أو أراد طلب الكسب الحلال للقيام بمؤنة من تلزمه مؤنته .
الحديث السادس و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح :
(غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) الغدوة من أول النهار إلى الزوال والروحة منه إلى آخر النهار وسبيل الله طريق التقرب إليه بكل عمل خالص وأعلى أنواع التقربات الجهاد فالغدوة أو الروحة فيه خير من الدنيا وما فيها لأن بها ترتب ثوابها وبعض الثواب لو برز إلى الدنيا لاضمحلت وتلاشت دونه .
الحديث السابع و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( غَنِيمَةُ مَجَالسِ الذِّكْرِ الجَنَّةُ ) رواه أحمد .
الشرح :
(غنيمة مجالس الذكر) لفظ رواية أحمد أهل الذكر فسقط من قلم المؤلف لفظ أهل (الجنة) أي غنيمة توصل للدرجات العلا في الجنة لما فيه من مزيد الثواب .
الحديث الثامن و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وَإِنَّ الأَنْسَابَ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ نَسَبِي وسببي وصهري ) رواه الحاكم .
الشرح :
(فاطمة بضعة) وفي رواية مضغة بضم الميم وغين معجمة (منى يقبضني ما يقبضها) أي أكره ما تكره (ويبسطني ما يبسطها) أي يسرني ما يسرها (وإن الأنساب) كلها (لا تنقطع يوم القيامة) فلا أنساب بينهم يومئذ (غير نسبي وسببى) النسب بالولادة والسبب بالزواج (وصهري) الفرق بينه وبين النسب إن النسب راجع لولادة قريبة من جهة الآباء والصهر من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج .
الحديث التاسع و الثلاثون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( فرق ما بيننا وَبَيْنَ المُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلاَنِسِ ) رواه أبو داود .
الشرح :
(فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم) أي لبسها (على القلانس) فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة أما لبس القلنسوة وحدها فزي المشركين فالعمامة سنة .
الحديث الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :( قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاء ) حديث صحيح رواه الحاكم .
الشرح :
(قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) أي أنا قادر على أن أعمل به ما ظن أني أعامله أو أنا عند علمه وإيمانه بما وعدت من قبول حسناته والعفو عن زلاته وإجابة دعواته عاجلا وآجلا أو المراد أنا عند أمله ورجائه .
الحديث الحادي و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن ) رواه البخاري .
الشرح :
قل هو الله أحد) مع كونها ثلاث آيات (تعدل ثلث القرآن) لأن القرآن قصص وأحكام وصفات وهي متمخضة للصفات فهي ثلثه أو لأن ثواب قراءتها يضاعف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير مضاعفة .
الحديث الثاني و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سمع ) رواه مسلم .
الشرح :
(كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) أي إذا لم يتثبت لأنه يسمع عادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع لا محالة يكذب والكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد لكن التعمد شرط الإثم.
الحديث الثالث و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ حبيبتان إلى الرحمن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيمِ ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح :
(كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان) وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب (حبيبتان) أي محبوبتان والمراد أن قائلهما محبوب (إلى الرحمن) لتضمنهما المدح بالصفات السلبية المدلول عيها بالتنزيه والثبوتية التي يدل عليها الحمد (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) فيه جواز السجع إذا وقع بغير تكلف .
الحديث الرابع و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ وَصَفْوَةُ الصَّلاَةِ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى ) حديث حسن رواه البيهقي .
الشرح :
(لكل شيء صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى) صفوة الشيء خياره وخلاصته . و من حافظ عليها أربعين يوما كتب له براءة من النار وبراءة من النفاق كما في خبر ضعيف وإنما يحصل فضلها بشهود التكبير مع الإمام والإحرام معه عقب تحرمه فإن لم يحضرها أو تراخى فاتته لكن يغتفر له وسوسة خفيفة .
الحديث الخامس و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( لَوْ كانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ) حديث صحيح رواه الترمذي .
الشرح :
(لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة) مثل لغاية القلة والحقارة (ما سقى كافر منها شربة ماء) أي لو كان لها أدنى قدر ما متع الكافر منها أدنى تمتع وكفى به شاهدا على حقارتها .
الحديث السادس و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ الله لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ ) حديث حسن رواه الترمذي .
الشرح :
(من سلك طريقا) حسية أو معنوية (يلتمس) يطلب (علما) نكره ليعم كل علم شرعي وآلته (سهل الله له) به أي بسببه (طريقا) في الدنيا بان يوفقه للعمل الصالح أو في الآخرة (إلى الجنة) أي يجازيه يوم القيامة بان يسلك به طريقا لا صعوبة فيه ولا هول أي ان يدخله الجنة سالما .
الحديث السابع و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) رواه مسلم .
الشرح :
(من صلى العشاء في جماعة) أي معهم (فكأنما قام نصف ليله) أي اشتغل بالعبادة الى نصف الليل (ومن صلى الصبح في جماعة) أي منضما لصلاة جماعة (فكأنما صلى الليل كله) نزل صلاة كل من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه ولا يلزم منه أن يبلغ ثوابه ثواب من قام الليل كله .
الحديث الثامن و الأربعون
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) رواه البخاري .
[justify