بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله وصحبه أجمعين . أما بعد فهذه مبادئ أولية وقواعد أساسية في مصطلح الحديث الشريف للمبتدئ في هذا الفن . أسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصة لوجهه الكريم , وصلى الله وسلم على سيدنا و مولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . بقلم
سليمان بن يحيى بن عبدالله الأهدل علم الحديث يطلق علم الحديث على معنيين :
ـ الأول : يطلق على نقل و رواية ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو بهذا المعنى يسمى { علم الحديث رواية } .
ـ الثاني : يطلق على المنهج الذي اتبع في كيفية اتصال الأحاديث من حيث أحوال رواتها ضبطاً وعدالة ، ومن حيث أحوال السند اتصالا ً وانقطاعاً . وهو بهذا المعنى يسمى{ علم الحديث دراية } وهو موضوع دراستنا .
علم الحديث رواية الحديث رواية : هو علم يشتمل على نقل و رواية ما أضيف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من أقواله التي قالها وأفعاله التي فعلها أو تقريراته أو أوصافه , أو نقل ما أضيف إلى الصحابة أو التابعين. فائدة علم الحديث رواية :
العناية بحفظ السنة النبوية و معرفتها و نشرها بين المسلمين ، و في ذلك بقائها وعدم اندراسها .
علم الحديث دراية ويسمى علم مصطلح الحديث .
علم مصطلح الحديث : هو علم بقواعد يُعرف بها أحوال السند و المتن من صحة و حُسن و ضعف .
ـ السند : هو الطريق الموصلة إلى المتن أي الرجال الموصلون إلى متن الحديث شيخاً عن شيخ إلى أن يصل إلى متن الحديث .
ـ المتن : هو ما انتهى إليه السند من الكلام .
فمثلاً قول البخاري : حدثنا مسدد عن يحيى عن عبدالله بن عمرو قال : حدثني خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : { ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة و منبري على الحوض } . فمسدد و من بعده إلى أبي هريرة , هذا هو الذي يسمى بالسند , و قوله صلى الله عليه و سلم { ما بين بيتي و منبري ... } هذا هو الذي يسمى بالمتن
فائدة علم مصطلح الحديث : معرفة ما يُقبل و ما يُرد .
أنوع مصطلح الحديث يقسم أكثر العلماء الحديث النبوي إلى ثلاث أقسام : صحيح , و حسن , و ضعيف . ووجه الحصر في هذه الثلاث أن الحديث إما مقبول و إما مردود ، و المقبول إما أن يشتمل على أعلى صفات القبول و إما أن يشتمل على بعضها , فالمشتمل على أعلى صفات القبول هو الصحيح , و المشتمل على بعضها هو الحسن , و المردود و هو الضعيف . و الحديث النبوي إن كان مضافاً إلى النبي صلى الله عليه و سلم فهو المسمى { المرفوع } و إن أضيف إلى الصحابي فهو المسمى { الموقوف } و إن أضيف إلى التابعي فهو المسمى { المقطوع } . و إن اتصل إسناده من راويه إلى أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فهو المسمى { المسند } و إن كان اتصل سنده بسماع كل راو من رواته ممن فوقه إلى منتهاه فهو المسمى { المتصل } , و إن اختلقه و افتراه واحد من الناس ونسبه إلى الرسول صلى الله عليه و سلم أو الصحابي أو التابعي فهو المسمى { الموضوع } . وسيأتي تفصيل جميع هذه الأنواع إن شاء الله تعالى .
الصحيح
الصحيح لغة : ضد المريض , و اصطلاحاً : هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ و لا علة قادحة . فيجب أن تجتمع فيه أمور هي شروط الحديث الصحيح : ـ الأول اتصال السند : و مع هذا الاتصال أن يكون كل راو من الرواة قد سمع عمّن فوقه حقيقة و من فوقه سمع من الذي فوقه و هكذا إلى آخر السند . ـ الثاني عدالة الراوي : أي أن يكون كل راو من رواة الحديث في ذلك السند عدلاً . و العدل هو المسلم العاقل السالم من الفسق و صغائر الأوصاف الخسيسة , فالكافر و الفاسق و المجنون و المجهول كل هؤلاء ليسوا عدولاً .
ـ الثالث تمام الضبط : و المراد بذلك كون راوي الحديث في الرتبة العليا بأن يثبت ما سمعه في ذهنه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء فخرج المغفل كثير الخطأ و خرج أيضا خفيف الضبط . ـ الرابع خلوه من الشذوذ : أي لا يخالف ذلك الثقة أرجح منه من الرواة ـ الخامس خلوه من العلة : أي لا يكون في الحديث علة .
و العلة وصف خفي يقدح في القبول و ظاهره السلامة منه .
مثاله :
ما رواه البخاري من طريق الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة } .
حكمه :
يحتج به في العقائد و الأحكام و غيرها ويجب العمل به .
الحسن الحسن لغة : ما تشتهه النفس , و اصطلحاً : هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الذي قل ضبطه عن درجة الصحيح , و خلا من الشذوذ و العلة , فشروطه خمسة : ـ الأول : اتصال السند .
ـ الثاني : عدالة الراوي .
ـ الثالث :ضبط الراوي .
والمراد أن يكون ضبطه أقل من راوي الصحيح أي خفيف الضبط . ـ الرابع : خلوه من الشذوذ .
ـ الخامس : خلوه من العلة .
فعلم بهذا أن شروط الحسن مثل شروط الصحيح فيما عدا الشرط الثالث , وهو الضبط , فإنه في الصحيح يشترط أن يكون في الرتبة العليا , أما في الحسن فإنه لا يشترط ذلك بل يكتفي بخفة الضبط .
مثاله :
حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم { لولا أن أشق على أمتي ...} فمحمد بن عمرو هذا مشهور بالصدق لكنه ليس في غاية الحفظ .
حكمه :
هو مثل الصحيح في الاحتجاج و العمل به , وإن كان دونه في القوة , و لهذا يقدم عليه الصحيح عند التعارض .
الضعيف
الضعيف لغة : ضد القوي , و اصطلاحاً : هو الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات القبول .
مثاله :
حديث : { إن النبي صلى الله عليه و سلم توضأ و مسح على الجوربين } فهذا ضعيف ,لأنه يروى عن أبي قيس الاودي و هو ضعيف , و هو متكلم فيه .
و تتفاوت درجاته في الضعف بحسب بُعده عن شروط الصحة .
حكمه :
الحديث الضعيف لا يجوز الاحتجاج به في العقائد و الأحكام و يجوز العمل به في الفضائل و الترغيب و الترهيب و ذكر المناقب , بشرط أن لا يشتد ضعفه .
المرفوع
المرفوع : هو الحديث الذي أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من القول أو الفعل أو التقرير , سواء أكان سنده متصلاً أم لا . فإذا قال الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا كان هذا الحديث مرفوعاً , و كذا لو قال التابعي أو تابع التابعي أو من بعدهم فإن ذلك يسمى مرفوعاً .
أنوع المرفوع الرفع قسمان :
ـ الأول : رفع تصريحي , و هو الذي فيه : قال رسول صلى الله عليه و سلم أو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , أو سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحو ذلك . ـ الثاني : رفع حكمي , و هو الذي لم يصرح فيه الراوي بقوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم , و هو أنواع كثيرة , فمنها قول الصحابي [ من السنة كذا و كذا] فله حكم الرفع , و يسمى مرفوعاً حكماً .
حكمه :
أنه قد يكون صحيحاً و قد يكون حسناً و قد يكون ضعيفاً .
الموقوف
الموقوف : هو الحديث المضاف إلى الصحابي , سواء كان قولاً أو فعلاً , وسواء اتصل سنده إليه أم انقطع . الموقوف القولي مثل : قال ابن عمر رضي الله عنه كذا , قال ابن مسعود كذا. الموقوف الفعلي مثل : أوتر ابن عمر على الدابة في السفر و غيره . و قد يطلق الموقوف على ما أضيف إلى التابعي أو من دونه بشرط أن يكون ذلك مقيداً , فنقول مثلاً : هذا موقوف على عطاء أو مالك .
حكمه :
قد يكون صحيحاً و قد يكون حسناً و قد يكون ضعيفاً .
المقطوع
المقطوع : هو ما أضيف إلى التابعي فمن دونه من قول أو فعل , سواء كان متصل الإسناد أم لا . و قد يسمى المقطوع موقوفاً بشرط تقييده نحو قولهم موقوف على عطاء أو وقفه فلان على مجاهد . أما الموقوف عند الإطلاق فينصرف إلى ما أضيف إلى الصحابي من قوله أو فعله .
مثاله :
قول مجاهد ـ من التابعين ـ لا ينال العلم مستحي و لا متكبر .
حكمه :
أنه ليس بحجة إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على الرفع , فيكون مرفوعاً حكماً, أو قرينة تدل على الوقف فيكون موقوفاً كقول التابعي [من السنة كذا و كذا ] .
المسند المسند : هو الحديث المتصل بإسناده من راويه إلى أن ينتهي إلى النبي صلى عليه و سلم الله . و ذلك كإسناد مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله . فظهر بهذا التعريف أن المسند يشترط فيه أمران :
ـ الأول : الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ـ الثاني : الاتصال في سنده .
حكمه : الصحة أو الحسن أو الضعف , بحسب صفات رجاله.
المتصل
المتصل : هو الحديث الذي اتصل سنده بسماع كل راو من رواته , ممن فوقه إلى منتهاه , سواء كان انتهاؤه إلى النبي صلى الله عليه و سلم أو إلى الصحابي . و يقال له: الموصول و المؤتصل . و على هذا التعريف فالموقوف و المقطوع قد يكون متصلاً. و علم أن المسند أخص من المتصل . فكل مسند متصل و ليس كل متصل مسنداً .
حكمه :
الصحة أو الحسن أو الضعف .
الموضوع
الموضوع : هو ما اختلقه و افتراه واحد من الناس و نسبه إلى الرسول صلى الله عليه و سلم , أو إلى الصحابي , أو إلى التابعي .
أنواع الوضع
أنوع الوضع كثيرة منها :
1ـ أن يضع الشخص كلاماً من عند نفسه ثم يرويه و ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
2ـ أن يأخذ كلاماً لبعض الحكماء أو غيرهم و ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
3ـ أن يغلط غالطاً فيقع في شبهة الوضع من غير تعمد للكذب .
الأغراض الحاملة على الوضع الأغراض الحاملة على الوضع كثيرة منها :
1ـ عدم الدين .
2ـ الانتصار للمذهب .
3ـ طلب التقرب إلى الملوك و الأمراء بوضع أحاديث توافق أغراضهم .
4ـ طلب الكسب والارتزاق بالوضع .
5ـ طلب ترغيب الناس في أفعال الخير فيوضع الحديث لذلك .
تم بحمد لله و عونه جمع ما تيسر جمعه من نبذة مختصرة في علم مصطلح الحديث الشريف يوم الأحد 6 ذو القعدة سنة 1425 هـ الموافق 16 / 1 / 2005 م
و صلى و سلم الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين و الحمد لله رب العالمين .
بقلم
راجي عفو ربه الأجل
سليمان بن يحيى بن عبدالله الأهدل 12/04/1429هـ 18/04/ 2008م